حظوظ العرب المتجددة في كأس آسيا قطر 2024

تعتبر استضافة قطر لكأس آسيا حدثًا كبيرًا يجذب اهتمام عشاق كرة القدم في جميع أنحاء القارة. ومع مشاركة عشرة منتخبات عربية لأول مرة في تاريخ البطولة، فإن الترقب مرتفع لرؤية أداء هذه الفرق وما إذا كان بإمكانها المنافسة على اللقب.

تاريخيًا، أظهرت بعض الفرق العربية أداءً قويًا في بطولات كأس آسيا، مثل السعودية والإمارات والعراق، الذين توجوا باللقب في السابق. ومع ذلك، يعتمد نجاح الفرق العربية في هذه البطولة على عدة عوامل، بما في ذلك جودة التحضيرات، وقوة التشكيل الفني، ومدى توفر اللاعبين ذوي الخبرة والمهارة.

وبالنظر إلى التطور الذي شهدته كرة القدم العربية في السنوات الأخيرة واستثمار العديد من الدول العربية في تطوير الرياضة، فمن الممكن بالتأكيد أن تكون هناك فرصة للمنتخبات العربية للمنافسة بقوة في كأس آسيا. ومع انتشار المواهب الشابة والاهتمام المتزايد بتطوير بنية الفرق، يمكن أن تكون هذه البطولة فرصة جيدة للمنتخبات العربية لتحقيق النجاح والتألق على الساحة الآسيوية.

بالطبع، يمثل استضافة قطر لكأس آسيا فرصة كبيرة للمنتخبات العربية لتحقيق نتائج إيجابية، خاصةً بعد فوز المنتخب القطري في النسخة السابقة. يعزز وجود 10 منتخبات عربية في البطولة من فرص تحقيق النجاح، حيث يتاح لها التنافس على نطاق واسع.

من جهة أخرى، يعتبر التواجد القوي للفرق الشرق آسيوية، وخاصةً اليابان، عاملاً يجعل من الصعب على المنتخبات العربية الحفاظ على اللقب. إلا أن التحسن المستمر في مستوى الفرق العربية وتطور اللاعبين والتكتيكات يعني أنه ليس من المستحيل أن تحقق أحد المنتخبات العربية النجاح في البطولة.

مستضيف البطولة: ترقب ومصالحة للجماهير

يعيش المنتخب القطري حالة من الترقب والتحديات قبيل انطلاق كأس آسيا، خاصة بعد أدائه المخيب في كأس العالم 2022 وخروجه من الدور الأول، مما جعله يسعى لاستعادة ثقة جماهيره وتحقيق أداء مشرف في البطولة القارية.

وتعقيباً على التغيير المفاجئ للمدرب قبل بداية البطولة، يتطلع “تينتين” ماركيس لوبيس، المدرب الجديد للمنتخب، إلى بناء تفاهم قوي مع اللاعبين واستعادة الثقة في أسلوبه وطريقته. يشدد على أهمية العمل كفريق واحد لتحقيق الأهداف المشتركة، مع التأكيد على ضرورة الاستمتاع بالمباريات.

وعلى الرغم من الضغوطات والتحديات التي تحيط بالفريق، إلا أن لوبيس يعبر عن طموحه في الوصول إلى نهائي البطولة، مما يوضح التفاؤل والإصرار على تحقيق النجاح في المنافسة.

لذا، يتطلع لاعبو المنتخب القطري إلى تكرار الإنجاز الذي حققوه في بطولة كأس آسيا 2019، عندما فاجأوا العالم بتغلبهم على الفرق الكبيرة وتتويجهم باللقب القاري البارز.

وفي هذا السياق، يرى الصحفي الرياضي ظفر الله المؤذن أن عوامل مثل الأرض والجمهور، بالإضافة إلى الرغبة القوية في تعويض الأداء في كأس العالم، تشكل دافعاً قوياً للمنتخب القطري لتحقيق نتائج إيجابية والمضي قدماً في المنافسة.

منتخب العراق : أسود الرافدين والبحث عن المجد المفقود

أما منتخب العراق فبنظر ظفر الله المؤذن، يعتبر المنتخب العراقي من الفرق العربية التي لديها فرص معقولة في بطولة كأس آسيا. يحلم جمهور العراق بتكرار الإنجاز الذي حققه المنتخب في بطولة عام 2007، حيث توج “أسود الرافدين” باللقب. تبدو فرص العراق في المرحلة الأولى من البطولة معقولة، باستثناء مواجهة اليابان، المرشح الأول للفوز باللقب. يمكن للعراقيين أن يتجاوزوا منتخبي إندونيسيا وفيتنام، ويحتلوا المركز الثاني في مجموعتهم، أو على الأقل يكونوا من بين أفضل أصحاب المركز الثالث في دور المجموعات، للتأهل إلى دور ثمن النهائي. هذه الخطوة، بلا شك، ستمثل بداية مشوار يأمل العراقيون أن يستمر لفترة طويلة، خاصة بعد فوز منتخبهم بكأس الخليج 2023، وتقديم أداء جيد في المباريات الودية الأخيرة.

وبالإضافة إلى نجوم الدوري المحلي، مثل حسين جابر ومحمد علي عبود وعلي فايز، استدعى المنتخب العراقي عددًا من اللاعبين المحترفين في الخارج لتعزيز تشكيلته، ومن بينهم سومر الماجد وكيفن يعقوب ويوسف أمين وعلاء عباس، بالإضافة إلى الحارس سعد ناطق.

وسيبدأ المنتخب العراقي مشواره في البطولة في 15 يناير/كانون الثاني بمواجهة منتخب إندونيسيا، وتحقيق الفوز في هذه المباراة يعني الحصول على راحة نفسية للعراقيين خلال مشوارهم في الدور الأول.

من ناحية أخرى، يُعتبر المنتخب العُماني من بين المنتخبات التي تقدم أداءً جيدًا في البطولة، بقيادة المدرب الكرواتي برانكو إيفانكوفيتش، والذي يعرف جيدًا الكرة الآسيوية. يعول إيفانكوفيتش على خبرة جميل اليحمدي وأحمد الكعبي وحارس المرمى فايز الرشيدي لقيادة منتخب عُمان في هذه المنافسة.

ومع ذلك، يُشير الخبير الرياضي التونسي ظفر الله المؤذن إلى أنه لا يرى أي منتخب عربي آخر قادرًا على المنافسة، باستثناء قطر والعراق، وبنسبة أكبر السعودية، التي سبق وأن فازت بالبطولة ثلاث مرات.

منتخب المملكة العربية السعودية: المخضرم واللقب الغائب

بعد مرور 28 عامًا على فوز المنتخب السعودي بكأس آسيا في بطولة 1996 في الإمارات، لم تعُد الكأس القارية تزيّن خزائن الأخضر، الذي اكتفى بالوصول إلى النهائي في نسختي 2000 و2007 وخسرهما أمام اليابان والعراق على التوالي.

ومع ذلك، تبدو السعودية في عام 2024 في وضع جديد تمامًا على الصعيد الرياضي، بفضل القرار الذي اتخذته الحكومة السعودية بالاعتماد على الاستثمار الرياضي بلا حدود. ويشمل ذلك استثمارات خارجية وتطوير الدوري المحلي من خلال جذب نجوم عالميين من الطراز الأول، مثل البرتغالي كريستيانو رونالدو والفرنسي كريم بنزيمة والبرازيلي نيمار، بالإضافة إلى الجزائري رياض محرز وغيرهم الكثير. وفي الصيف، احتلت أندية الدوري السعودي المركز الثاني عالميًا في الإنفاق على اللاعبين الجدد بإجمالي قيمة وصلت إلى 875.4 مليون دولار أمريكي، خلف الدوري الإنجليزي الذي بلغت قيمة الإنفاق فيه 1.98 مليار دولار أمريكي.

ويقول الصحفي الرياضي السعودي عبد الله الخوجة “استقطاب النجوم العالميين والطموح بجعل الدوري السعودي أحد أقوى خمس دوريات عالمياً، سيكون له أثر كبير على المدى المتوسط والبعيد”. يبرز هذا الاستثمار تحفيز اللاعب السعودي للتنافس على مكان في تشكيلة فريقه، حيث يسعى كل لاعب سعودي للمنافسة من بين 15 لاعباً سعودياً مشاركاً مع النادي، وذلك بفضل السماح لكل نادٍ بتسجيل 25 لاعباً، منهم 10 أجانب كحد أقصى. وبناءً على ذلك، فقط اللاعبون ذوو المهارات والمستويات العالية سيكونون قادرين على المشاركة مع النادي، مما سينعكس بالتأكيد إيجاباً على المنتخب السعودي.

من جهته، اعتبر المدرب البرتغالي نيلو فينغادا، الذي قاد السعودية للفوز بلقب كأس آسيا عام 1996، أن سياسة استقطاب اللاعبين الأجانب “لن تفيد المنتخب” السعودي. وأوضح أن “جودة الدوري السعودي أصبحت أفضل الآن، لكنها في رأيي لن تفيد المنتخب، نظراً لسيطرة المحترفين على التشكيل الأساسي للأندية، وهذا ليس جيداً”.

وباختيار المدرب الإيطالي روبرتو مانشيني لقيادة المنتخب السعودي، يتجلى طموح الاتحاد السعودي في استعادة مكانة الفريق على الساحة القارية والعالمية. ورغم النتائج غير المرضية في بداية مسيرته مع المنتخب، فإن ثقة الجهاز الفني بالقدرات الكروية للاعبين السعوديين تظل عالية.

وبالنظر إلى التحديات التي تواجهها الأخضر، فإن اللاعبين ذوو الخبرة يأتون بدور مهم في قيادة الفريق وتحفيز الشباب على تقديم أداء متميز. وعلى الرغم من استبعاد بعض الأسماء البارزة، ويبقى لاعبو الخبرة في صفوف الفريق عنصراً رئيسياً في بناء الفريق وتحقيق النجاحات.

ومع استمرارية العمل والتطوير في الأداء والتكتيك، ومع اندماج المدرب واللاعبين في عملية التحضير للبطولة، يمكن أن تكون كأس آسيا فرصة مثالية للمنتخب السعودي لاستعادة بريقه وتحقيق النجاحات على الساحة القارية.

بالنهاية، يبقى الأمر مفتوحًا للمفاجآت، وقد ترى كرة القدم العربية إثباتًا جديدًا لقوتها وتقدمها في هذه البطولة الكبرى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *